كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وكانت نساؤهم أقبح ما يكون من النساء، ورجالهم حسان.
وكانت المرأة تريد الرجل على نفسها.
وروى عكرمة عن ابن عباس أن {الجاهلية الاولى} كانت بين نوح وإدريس، وكانت ألف سنة.
وقال مقاتل: الجاهلية الأولى كانت قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم.
وإنما سمى جاهلية الأولى لأنه كان قبله.
ثم قال: {وَقَرْنَ فِى} يعني: أتممن الصلوات الخمس {وَقَرْنَ فِى} يعني: إن كان لكن مال {وَأَطِعْنَ الله وَرَسُولَهُ} فيما ينهاكن وفيما يأمركن {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس} يعني: الإثم.
وأصله في اللغة كل خبيث من المأكول وغيره.
{أَهْلَ البيت} يعني: يا أهل البيت وإنما كان نصبًا للنداء.
ويقال: إنما صار نصبًا للمدح.
ويقال: صار نصبًا على جهة التفسير، فكأنه يقول: أعني أهل البيت.
وقال: {عَنْكُمْ} بلفظ التذكير، ولم يقل: عنكن لأن لفظ أهل البيت يصلح أن يذكر ويؤنث.
قوله: {وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيرًا} يعني: من الإثم والذنوب.
قوله عز وجل: {واذكرن مَا يتلى في بُيُوتِكُنَّ} يعني: احفظن ما يقرأ عليكن {مِنْ آيات الله} يعني: القرآن {والحكمة} يعني: أمره ونهيه في القرآن.
فوعظهن ليتفكرون.
ثم قال: {إِنَّ الله كَانَ لَطِيفًا} لطيف علمه، فيعلم حالهن إن خضعن بالقول.
ويقال: لطيفًا أمر نبيه بأن يلطف بهن {خَبِيرًا} يعني: عالمًا بأعمالهن.
قوله عز وجل: {إِنَّ المسلمين والمسلمات} وذلك أن أم سلمة رضي الله عنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال ربنا يذكر الرجال ولا يذكر النساء في شيء من كتابه، فأخشى أن لا يكون فيهن خير، ولا لله عز وجل فيهن حاجة؟ فنزل {إِنَّ المسلمين والمسلمات} ويقال: إن النساء اجتمعن وبعثن أنيسة رسولًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فقالت: إن الله تبارك وتعالى خالق الرجال والنساء، وقد أرسلك إلى الرجال والنساء، فما بال النساء ليس لهن ذكر في الكتاب فنزلت هذه الآية.
وقال قتادة: لما ذكر الله عز وجل أزواج النبي يعني: دخل نِسَاءٌ مسلماتٌ عليهن، فقلن: ذكرتن ولم نذكر.
ولو كان طفينا خير ذكرنا.
فنزلت هذه الآية: {إِنَّ المسلمين والمسلمات} يعني: المسلمين من الرجال، والمسلمات من النساء.
{والمؤمنين} يعني: المصدقين الموحدين من الرجال {والمؤمنات} يعني: المصدقات الموحدات من النساء {والقانتين} يعني: المطيعين، وأصل القنوت القيام.
ثم يكون للمعاني، ويكون للطاقة.
كقوله: {والقانتين} ويكون للإقرار بالعبودية كقوله: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الكتاب لَوْ يَرُدُّونَكُم مِن بَعْدِ إيمانكم كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحق فاعفوا واصفحوا حتى يَأْتِىَ الله بِأَمْرِهِ إِنَّ الله على كُلِّ شيء قَدِيرٌ} [البقرة: 109] {وَلَهُ مَن في السماوات والأرض كُلٌّ لَّهُ قانتون} [البقرة: 116 والروم: 26] {والقانتات} أي: المطيعات من النساء {والصادقين} يعني: الصادقين في إيمانهم من الرجال {والصادقات} من النساء {والصابرين والصابرات} على أمر الله تعالى من الرجال والنساء {والخاشعين والخاشعات} يعني: المتواضعين من الرجال والنساء {والمتصدقين والمتصدقات} يعني: المنفقين أموالهم في طاعة الله من الرجال والنساء {والصائمين والصائمات} قال مقاتل: من صام رمضان، وثلاثة أيام من كل شهر فهو من الصائمين والصائمات.
ثم قال: {والحافظين فُرُوجَهُمْ والحافظات} يعني: من الفواحش من الرجال والنساء {والذكرين الله كَثِيرًا والذكرات} يعني: باللسان من الرجال والنساء.
فذكر أعمالهم.
ثم ذكر ثوابهم فقال: {أَعَدَّ الله لَهُم مَّغْفِرَةً} في الدنيا لذنوبهم {وَأَجْرًا عَظِيمًا} في الآخرة وهو الجنة.
قوله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ} الآية.
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لزينب بنت جحش الأسدية وهي بنت عمة النبي صلى الله عليه وسلم أميمة بنت عبد المطلب: «إنِّي أُرِيدُ أنْ أُزَوِّجَكِ مِنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ». فقالت: يا رسول الله لا أرضاه لنفسي. وأنا أرفع قريش لأنني من قريش وابنة عمتك. فنزل {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ} يعني: ما جاز لمؤمن يعني: زيد بن حارثة، {وَلاَ مُؤْمِنَةٍ} يعني: زينب بنت جحش {إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا} يعني: حكم حكمًا في تزويجهما {أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ} يعني: اختيار من أمرهم بخلاف ما أمر الله ورسوله.
قرأ حمزة والكسائي وعاصم: أن يكون بالياء بالتذكير.
وقرأ الباقون: بالتاء بلفظ التأنيث.
فمن قرأ بالتاء: فلأن لفظ الخيرة مؤنث.
ومن قرأ بالياء: فإنه ينصرف إلى المعنى، ومعناهما الاختيار لتقديم الفعل {وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضلالا مُّبِينًا} فلما سمعت زينب بنت جحش نزول هذه الآية قالت: أطعتك يا رسول الله.
ثم قال عز وجل: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنعَمَ الله عَلَيْهِ} يعني: زيد بن حارثة قد أنعم الله عز وجل عليه بالإسلام {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} بالعتق {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} قال قتادة: جاء زيد بن حارثة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن زينب اشتد عليّ لسانها، وإني أريد أن أطلقها.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ الله أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ». وكان يحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلقها. وخشي مقالة الناس أن أمره بطلاقها فنزلت هذه الآية.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إلى زيد بن حارثة يطلبه في حاجة له. فإذا زينب بنت جحش قائمة في درع وخمار. فلما رآها أعجبته ووقعت في نفسه. فقال: «سُبْحَانَ الله مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي». فلما سمعت زينب جلست. فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما جاء زيد ذكرت ذلك له. فعرف أنها أعجبته ووقعت في نفسه، وأعجب بها رسول الله. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله: إنَّ زينب امرأة فيها كبر، تعصي أمري، ولا تبرُّ قسمي، فلا حاجة لي فيها. فقال له: «اتَّقِ الله يَا زَيْدُ فِي أَهْلِكَ وَأمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ». وكان يحب أن يطلقها. فطلّقها زيد ونزلت هذه الآية: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتق الله}.
{وَتُخْفِى في نِفْسِكَ} يعني: تسر في نفسك ليت أنه طلقها {مَا الله مُبْدِيهِ} يعني: مظهره عليك حتى ينزل به قرآنًا {وَتَخْشَى الناس} يعني: تستحي من الناس.
ويقال: {وَتَخْشَى} مقالة الناس {والله أَحَقُّ أَن تخشاه} في أمرها.
قال الحسن: ما أنزل الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم آية أشد منها، ولو كان كاتمًا شيئًا من الوحي لكتمها.
ثم قال: {فَلَمَّا قضى زَيْدٌ مّنْهَا وَطَرًا} يعني: حاجة {زوجناكها} فلما انقضت عدتها تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الحسن: فكانت زينب تفتخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: أما أنتن فزوّجكن آباؤكن.
وأما أنا فزوجني رب العرش تعني: قوله: {زوجناكها} {لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَى المؤمنين حَرَجٌ} يعني: لكيلا يكون على الرجل حرج بأن يتزوج امرأة ابنه الذي يتبنّاه {فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَرًا} يعني: حاجة {وَكَانَ أَمْرُ الله مَفْعُولًا} تزوُّج النبي صلى الله عليه وسلم إياها كائن لابد واللام للزيادة، وكي مثله فلو كان أحدهما، لكان يكفي ولكن يجوز أن يجمع بين حرفين زائدين إذا كانا جنسين.
وإنما لا يجوز إذا كانا من جنس واحد كما قال: {فَاطِرُ السماوات والأرض جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أزواجا وَمِنَ الأنعام أزواجا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء وَهُوَ السميع البصير} [الشورى: 11] ولا يصلح أن يقال: مثل مثل أو كي كي فإذا كانا جنسين جاز.
فقالت اليهود والمنافقون: يا محمد تنهى عن تزوج امرأة الابن ثم تتزوجها.
فنزل قوله عز وجل: {مَّا كَانَ عَلَى النبى مِنْ حَرَجٍ} يقول: ليس على النبي إثم {فِيمَا فَرَضَ الله لَهُ} يعني: في الذي رخص الله عز وجل من تزوج زينب {سُنَّةَ الله في الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلُ} يعني: هكذا سنة الله في الذين مضوا يعني: في كثرة تزوج النساء كما فعل الأنبياء عليهم السلام {وَكَانَ أَمْرُ الله قَدَرًا مَّقْدُورًا} يعني: قضاء كائنًا.
قوله عز وجل: {الذين يُبَلّغُونَ رسالات الله} قال مقاتل: يعني: النبي صلى الله عليه وسلم وحده.
ويقال: ينصرف إلى قوله: {سُنَّةَ الله في الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلُ} {الذين يُبَلّغُونَ رسالات الله}.
{وَيَخْشَوْنَهُ} في كتمان ما أظهر الله عليهم {وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا} في البلاغ {إِلاَّ الله وكفى بالله حَسِيبًا} يعني: شهيدًا بأن النبي صلى الله عليه وسلم بلّغ الرسالة عن الله عز وجل ويقال: شهيدًا يعني: حفيظًا.
قوله عز وجل: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مّن رّجَالِكُمْ} يعني: بالتبني.
وليس بأب لزيد بن حارثة {ولكن رَّسُولَ الله} يعني: ولكنه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال: لم يكن أب الرجال لأن بنيه ماتوا صغارًا، ولو كان الرجال بنيه لكانوا أنبياء، ولا نبي بعده.
فذلك قوله: {وَخَاتَمَ النبيين} قرأ بعضهم ولكن {رَسُولِ الله} بضم اللام، ومعناه: ولكن هو رسول الله وكان {وَيَقْتُلُونَ النبيين} وقرأ عاصم في إحدى الروايتين {وَخَاتَمَ النبيين} بنصب التاء.
وقرأ الباقون: بالكسر.
فمن قرأ بالكسر يعني: آخر النبيين.
ومن قرأ بالنصب فهو على معنى إضافة الفعل إليه.
يعني: أنه ختمهم وهو خاتم.
قال أبو عبيد: وبالكسر نقرأ لأنه رويت الآثار عنه أنه قال: «أَنَا خَاَتَمُ النَّبِيِّين» فلم يسمع أحد من فقهائنا يروون إلا بكسر التاء.
{وَكَانَ الله بِكُلّ شيء عَلِيمًا} بمن يصلح للنبوة، وبمن لا يصلح.
فإن قيل: كيف يظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يظهر من نفسه، خلاف ما في قلبه.
قيل له: يجوز مثل هذا لأن في قوله: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتق الله} أمر بالمعروف وفيه ردّ النفس عما تهوى.
وهذا عمل الأنبياء والصالحين عليهم السلام.
وقال بعضهم: للآية وجه آخر وهو أن الله تعالى قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها تكون زوجته.
فلما زوّجها من زيد بن حارثة لم يكن بينهما ألفة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينهاه عن الطلاق، ويخفي في نفسه ما أخبره الله تعالى.
وقال: بأنها تكون زوجته.
فلما طلقها زيد بن حارثة، كان يمتنع من تزوجها، خشية مقالة الناس، يتزوج امرأة ابنه المتبنى به.
فأمره الله عز وجل بأن يتزوجها، ليكون ذلك سبب الإباحة لنكاح امرأة الابن المتبنى لأمته ونزل {وَإِذْ تَقُولُ للذى أَنعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتق الله وَتُخْفِى في نِفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ وَتَخْشَى الناس والله أَحَقُّ أَن تخشاه فَلَمَّا قضى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زوجناكها لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى المؤمنين حَرَجٌ في أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ الله مَفْعُولًا} [الأحزاب: 37] الآية.
ثم قال تعالى: {عَلِيمًا يا أيها الذين ءامَنُواْ اذكروا الله ذِكْرًا كَثِيرًا} يعني: اذكروا الله باللسان.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنَّ هِذِه القُلُوبَ لَتَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ الحَدِيدُ».
قيل: يا رسول الله فما جلاؤها؟ قال: «تِلاوَةُ كِتَابِ الله عَزَّ وَجَلَّ، وَكَثْرَةُ ذِكْرِهِ». وذكر أن أعرابيًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن شرائع الإسلام قد كثرت، فأنبئني منها بأمر أتشبث به. فقال: «لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًَا مِنْ ذِكْرِ الله عَزَّ وَجَلَّ».
ويقال: ليس شيء من العبادات أفضل من ذكر الله تعالى، لأنه قدر لكل عبادة مقدارًا، ولم يقدر للذكر، وأمر بالكثرة فقال: {اذكروا الله ذِكْرًا كَثِيرًا} يعني: اذكروه في الأحوال كلها.
لأن الإنسان لا يخلو من أربعة أحوال.
إما أن يكون في الطاعة، أو في المعصية، أو في النعمة، أو في الشدة.
فإذا كان في الطاعة ينبغي أن يذكر الله عز وجل بالإخلاص، ويسأله القبول والتوفيق.
وإذا كان في المعصية ينبغي أن يذكر الله عز وجل بالامتناع عنها، ويسأل منه التوبة منها والمغفرة.
وإذا كان في النعمة يذكره بالشكر؛ وإذا كان في الشدة يذكره بالصبر.
ثم قال تعالى: {وَسَبّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} يعني: غدوًا وعشيًا.
يعني: صلوا لله بالغداة والعشي.
يعني: الفجر والعصر.
ويقال: بالغداة.
يعني: صلوا أول النهار وهي صلاة الفجر {وَأَصِيلًا} يعني: صلوا آخر النهار، وأول النهار.
وهي صلاة الظهر والعصر، والمغرب، والعشاء.
ثم قال عز وجل: {هُوَ الذي يُصَلّى عَلَيْكُمْ} يقول: هو الذي يرحمكم ويغفر لكم {وَمَلَئِكَتُهُ} أي: يأمر الملائكة عليهم السلام بالاستغفار لكم {لِيُخْرِجَكُمْ مّنَ الظلمات إِلَى النور} يعني: أخرجكم من الكفر إلى الإيمان ووفّقكم لذلك.
اللفظ لفظ المستأنف، والمراد به الماضي يعني: أخرجكم من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان، ونّور قلوبكم بالمعرفة.
ويقال: معناه ليثبتكم على الإيمان ويمنعكم عن الكفر.
ويقال: {لِيُخْرِجَكُمْ مّنَ الظلمات} يعني: من المعاصي إلى نور التوبة، والطهارة من الذنوب.
ويقال: من ظلمات القبر إلى نور المحشر.
ويقال: من ظلمات الصراط إلى نور الجنة.
ويقال: من ظلمات الشبهات إلى نور البرهان والحجة.
ثم قال: {وَكَانَ بالمؤمنين رَحِيمًا} يعني: بالمصدقين الموحدين {رَّحِيمًا} يرحم عليهم.
ثم قال عز وجل: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سلام} قال مقاتل: يعني: يلقون الرب في الآخرة بسلام.
وقال الكلبي: تجيبهم الملائكة عليهم السلام على أبواب الجنة بالسلام.
فإذا دخلوها، حيَّا بعضهم بالسلام.
وتحية الرب إياهم حين يرسل إليهم بالسلام.